الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

AUASS

بعض تكنولوجيا الارض (٢)

بالتأكيد كانت ومازالت وستكون هذه التكنولوجيات بتقدمها وتطورها ذات فائدة كبيرة للإنسان وتطور مجتمعات الأرض والمحافظة على خيرات الله، سبحانه وتعالى، فيها وعليها والتي وفرها الله، جل في علاه، للكائنات الحية على سطح كوكب الأرض، ولكن ومع الأسف وفي كثير من الأحيان استخدمت ومازالت مستخدمة لأغراض غير إنسانية وضد المحافظة على وطننا الأرض وساكنيها.

 

والأمثلة كثيرة ومنها ما يلي: الحروب المدمرة والتغيرات المناخية مستمرة ودرجات الحرارة ترتفع وجبال جليدية تنهار وتذوب، وكوارث طبيعية في تزايد، والغابات تحترق، والمؤتمرات تتكرر لدول العالم لإنقاذ الأرض وحمايتها من دون جدوى، وكوارث صحية بشرية، وتضخمات سكانية كبرى، وتلوث بيئي، وانتشار الأوبئة وأحدثها «كوفيد -19» وتوابعها وأشكالها المختلفة، وعوادم وأبخرة تزيد من حرارة الأرض (تزيد بما يسمى بالاحتباس الحراري)، والتسربات النفطية تقتل بلا رحمة، وفي الصحراء تزداد الأرض لهيباً، وما من أرقام وإحصائيات تعكس الكوارث الحقيقية.

 

في الفضاء (حول الأرض) أشلاء ونفايات وحطامان فضائي طبيعي وصناعي يهددان الاتصالات والمواصلات الجوية والأقمار الصناعية والأرصاد الفلكية، فضلاً عن الأرض نفسها مهددة بالصخور الفضائية الضخمة القادمة من حزام الكويكبات.

 

أضرار بشرية وأخرى طبيعية ومستمرة (كالزلازل) في حين أن الله سبحانه وتعالى خلق الأرض وجعلها جنةً في الدنيا لتنعم البشرية بخيراتها وجمالها وبحارها وأنهارها، وحماها من الأضرار الكونية الطبيعية. «وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ» النحل 81.

 

دمر الإنسان أكثر من 50% من غابات العالم، وتسبب بانقراض آلاف الأنواع من الكائنات الحية بما فيها الأحياء المائية، ولوث الكثير من مكونات الأرض وساهم بارتفاع حرارة وطننا الأرض وإذابة جليد قطبيها. فهو يتصرف وكأن لدينا أرضاً ثانية (وطن كوني ثان) وما زلنا نعتبر أنفسنا أذكى الكائنات، فازدياد الاحتباس الحراري وثاني أوكسيد الكربون أقوى مثال على تدمير البعض من خيرات الله سبحانه تعالى. «وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ» البقرة 205. «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ» الروم 41.

 

من ذلك على سبيل المثال أنه في صيف عام 2022 اشتدت الحرائق في أوروبا، والفيضانات والأعاصير الثلجية في الهند، فضلاً عن كوارث طبيعية في مختلف دول العالم، وفي القارة الأوروبية سجلت درجات حرارة لا سابق لها تسببت في حرائق هائلة دمرت آلاف الهكتارات من الأراضي وقتلت مئات الأشخاص على الرغم من تواصل السلطات المختصة بجهودها في إخمادها (أغلبها بسبب التغير المناخي).

 

في البرتغال وإسبانيا تم تسجيل آلاف الوفيات بسبب موجة الحر المرتفعة، وشدد عدد من مسؤولي الصحة على ضرورة أن تتجه البلاد إلى مواجهة آثار تغير المناخ في الوقت الذي يستمر فيه ارتفاع درجات الحرارة.

 

وواجهت الهند والباكستان والصين وبعض المدن الأمريكية فيضانات كبيرة وعنيفة بسبب الأمطار الغزيرة والتي تسببت بمقتل مئات الأشخاص، بينما ضرب الحر دولاً أوربية عدة، كما ضربت الأرجنتين عاصفة ثلجية شديدة تسببت في أضرار كبيرة.

 

والمتوقع أن التغير المناخي، وتحديداً ارتفاع درجات الحرارة، سيفاقم انتشار الفيروسات ومسببات الأمراض الأخرى وظهور أوبئة جديدة، فالحشرات تقتل آلاف الأشخاص سنوياً ويسمح ارتفاع درجات الحرارة للبعوض والبراغيث والقراد وغيرها من النواقل بالتكاثر في مناطق جديدة وانتشار المزيد من الأمراض القديمة والجديدة.

 

وبناءً على ما تقدم، فإن العالم مقبل على تغير مناخي ضخم، وعلى سبيل المثال فإن بعض مدن دول الخليج غرقت في عز الصيف بالأمطار الغزيرة مما تسبب في فيضانات أغرقت بعض المحال التجارية وأضرت بعدد من السيارات وأحدثت أضراراً ليست قليلة في البنية التحتية. وفي الإمارات، على سبيل المثال، هطلت أمطار غزيرة تسببت في فيضانات وسيول جارفة في الأجزاء الشرقية من الدولة غطت الشوارع ودخلت بعض البيوت وألحقت أضراراً بالبنى التحتية، وبجهود استثنائية ومميزة من عناصر الدفاع المدني الإماراتي تم إنقاذ الكثير من المحاصرين في منازلهم، لا سيما في إمارتي الشارقة والفجيرة اللتين تأثرتا بشدة بسبب طبيعة هاتين الإمارتين الجبليتين ووديانهما.

 

يا بشرية الأرض تمعنوا وتفكروا بقدرة الله جل جلاله في خلق السماوات والأرض، وتمتعوا بخيراته ونعمه واستخدموا التقنيات المتطورة والمستمرة في التطور لأعمال الخير ولإنقاذ كوكب الأرض ومن يعيش على سطحه لأنه الآن يشتكي من أهله ويعاني ممن يعيشون عليه ومن التصرفات البشرية في خيراته ونعمه التي وفرها الله سبحانه وتعالى لهم.

 

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ المائدة» 87 و88

 

* مدير جامعة الشارقة رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

آخر الأخبار