كب الأرض هو أحد الكواكب الصغيرة جداً مقارنة بتريليونات الكواكب المماثلة أو المختلفة الأحجام والخواص المنتشرة في الكون عامةً، وفي مجرة درب التبانة خاصةً. خلق الله تعالى الكائن الحي ليعيش على سطحه معززاً مكرماً بنعيم مختلف الخيرات والأجواء الحياتية التي هيأها الله سبحانه لهذا الكائن «قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» العنكبوت 20.
وقد ولد هذا الكوكب وتطور وتكون بمختلف بيئاته من غلافه الجوي وبحاره ومحيطه الحيوي، وبدأت الحياة فيه ضمن هذا الكون (السماء والسماوات) الواسع والمؤلف من السدم والمجرات والنجوم والشموس والكواكب وأقمار الكواكب والغازات والأتربة والدخان إضافة الى المادة والطاقة المظلمة التي لا نعرف شيئاً عن أسرارها إلا القليل، والقليل جداً ضمن قطره المقدر ب 90 مليار سنة ضوئية (بالنسبة لمن يعيش على الأرض). وفي كوكبنا مليارات التريليونات من الأجرام السماوية المختلفة حجماً وشكلاً وحرارة وكثافة وعمراً، وكل ما يحتويه، أي كل ما خلقه الله سبحانه وتعالى فيه. «إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ»، الصافات 6.
والفضاء بين المجرات وبين النجوم مملوء بالمادة المؤلفة من الغاز والتراب والدخان، فضلاً عن المادة المظلمة والطاقة المظلمة، بمعنى أن الدخان مع الغاز والتراب متوافر ومنتشر بين مختلف الأجرام السماوية، وبالتالي نجد أن السماء محبوكةً بهذه المواد، كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابة الكريم «وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ»، الذاريات7. أي أن السماء حبكت بالمجرات والنجوم وما بينهما جميعاً من المواد المؤلفة بالغاز والتراب والدخان.
والأرض بقطر 12756 كم تقريباً (أي أكبر حجماً وكتلة من الكواكب الصخرية الصغيرة في المنظومة الشمسية)، وأقرب الأجرام السماوية إليها هو القمر الذي يبعد عنها 483400 كم، ويدور حول الأرض بمعدل 29.5 يوماً وهذا ما يسمى بالشهر الاقتراني، علماً بأن قطر القمر بحدود 3476 كم أي بحدود ربع قطر الأرض، ويستغرق الضوء لينتقل من القمر الى الأرض مدة بحدود 1.5 ثانية (كتلة القمر تعادل 1.2% من كتلة الأرض، وحجمه يعادل 2% من حجم الأرض). تدور الأرض حول الشمس وتبعد عنها بمعدل 150 مليون كم تقريباً، أي 400 مرة تقريباً بقدر بعد القمر عن الأرض، علماً أَنَّ قطرها الزاوي يكبر القطر الزاوي للقمر 400 مرة تقريباً؛ لذلك نجد لهما حجماً زاوياً ظاهرياً واحداً، لهذا فعند حدوث كسوف الشمس الكلي يغطي قرص القمر الظاهري أحياناً قرص الشمس تماماً.
«أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ»، الأعراف 185. لقد تحدثنا كثيراً سابقاً عن الأرض، ولكن هنا سنتطرق إلى بعض الخواص لأجل المقارنة مع الكواكب الأخرى ولنبين لماذا اختارها الله سبحانه وتعالى من الكواكب الأخرى ليعيش الإنسان والحيوان والنبات على سطحها.
«وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ» الذاريات: 20، الأرض هي ثالث الكواكب بُعداً عن الشمس، وهي أكبر الكواكب الداخلية حجماً؛ حيث يتجاوز قطرها قطر الزهرة ببضعة مئات من الكيلومترات. وهي الكوكب الوحيد المعروف في الكون حتى الآن الذي توجد عليه حياة؛ وذلك لأنها تقع على بُعد مناسب من الشمس ولأنه يُوجد عليها الماء الضروري لوجود الحياة، وهو يُغطي معظم سطحها، أي أن الماء في كل مكان حتى في جسم الإنسان والحيوان والنبات، «وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ».
تملك الأرض غلافاً جوياً جيداً توجد فيه السحب والرياح والبرق والرعد، إضافة إلى بعض الظواهر الجوية الأخرى. يقول الله سبحانه وتعالى عن الرعد والبرق في كتابه المبين: «هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ، وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ»، الرعد 12 و13.
كما أن الأرض تتميز بين الكواكب الصخرية بامتلاكها لغلاف مغناطيسي يَحمي غلافها الجوي من الأشعة الكهرومغناطيسية القاتلة والحارقة وكذلك من جسيمات الرياح الشمسية، كما توجد مظاهر جيولوجيّة مختلفة على سطح الأرض، وهي بشكل رئيسي الحمم البركانية وحركة الصفائح التكتونية والتعرية عن طريق الرياح والماء والجليد وغيرها، والاصطدامات المولدة للفوهات (عن طريق أجرام النظام الشمسي الصغيرة).
والأرض نشطة جيولوجياً بشكل كبير في الوقت الحاضر على عكس الكواكب الأخرى، وكل هذه الميزات المفيدة للحياة على سطحها خلقها الله، سبحانه وتعالى، دون الكواكب الأخرى وهو الفرق المهم عن بقية الكواكب والأجرام السماوية الأخرى في المجموعة الشمسية وربما في المجرة والمجرات الأخرى والكون لهذا سميناها الكوكب الأم أو الوطن.
* مدير جامعة الشارقة رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك