جريدة الرأي / عمان – ريم العفيف
نظمت الجمعية الفلسفية الأردنية محاضرة حول «علم الفلك والتنجيم بين العلم والفلسفة» تحدث فيها د.حنا صابات المدير السابق لمعهد الفلك.
أوضح صابات أنه من منظور علمي حديث، يهتم علم الفلك بدراسة كل ما هو فوق الغلاف الجوي الأرضي من أجرام سماوية، من حيث نشأتها وتطورها وتفاعلاتها والقوانين الطبيعية التي تحكمها، وذلك من خلال رصد نواقل المعلومات الآتية من الكون (كالضوء والإشعاعات الكهرمغناطيسية الأخرى)، أما التنجيم فهو فن متوارث منذ القدم يعتقد ممارسوه بإمكانية معرفة الصفات الشخصية للإنسان وطالعه ومصيره من حيث العمل والحب والنجاح.
وبيّن صابات إمكانية معرفة الأحداث العالمية سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو طبيعية، بربطها بمواقع الأجرام السماوية مشيرا الى اختلاط التنجيم بعلم الفلك منذ فجر التاريخ، لافتا الى أنه يمكن تتبع بداياته الأولى لدى البابليين على سبيل المثال الذين بالرغم من توصلهم إلى أول تقويم دقيق مبني على حركات الشمس والقمر نتيجة لأرصادهم الدؤوبة وحساباتهم الدقيقة (وهذا هو علم الفلك التقليدي)، إلا أنهم قد قدّسوا بعض الأجرام السماوية، وبخاصة تلك التي تمتلك «حركات خاصة» والتي عرفت «بالكواكب الجوالة»، وهي: عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل والشمس والقمر، حتى أنهم قد خصصوا يوماً لكل كوكب (وورثنا بدورنا أيام الأسبوع السبعة عنهم).
None of the men had erection problems when they entered the study. Clicking Here commander cialis
ورأى المحاضر ان الأرصاد الفلكية ذات هدف علمي الا انها بقدر ما كانت لغايات أسطورية ميثولوجية من اهدافها رصد مواقع الآلهة في السماء والتنبؤ بمواقعها بهدف معرفة تأثيرها على الإنسان وطالعه ومصيره، بل وعلى المطر والجفاف والزراعة والتجارة والحروب وغيرها (وهذا هو التنجيم) ليؤكد صابات من خلال هذا المعنى أن للتنجيم منشأ أسطوري ميثولوجي وعلم الفلك قد ولد بالتالي في أحشاء التنجيم، والذي مارسته الحضارات القديمة الأخرى من أمثال الفرعونية والفارسية والهندية والإغريقية والرومانية بدرجات متفاوتة ولم يكن من الممكن لفترة طويلة من التاريخ تمييز الفلك عن التنجيم، أو تمييز الفلكي عن المنجم.
وأشار إلى أنه في الحضارة العربية الإسلامية، وبالرغم من توجيه البعض نقداً شديداً إلى التنجيم (سواء باستخدام حجج دينية أو أخرى فلسفية-علمية)، كان التنجيم رائجاً لدرجة أن مدينة بغداد مثلاً قد تم إنشاؤها بناء على مشورة المنجمين وإن الكثير من كبار علماء الفلك الأوروبيين في بداية عصر الثورة العلمية الكبرى في القرنين السادس عشر والسابع عشر كانوا يؤمنون بالتنجيم إلا أن القطيعة النهائية بين الفلك والتنجيم، وبروز الأول كعلم مستقل قائم بذاته وخروج الثاني من حظيرة «العلوم»، قد تبلورت بوضوح بعد غاليليو ونيوتن، أي بعد نضج المنهجية العلمية.