الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

AUASS

مصير الارض في المستقبل القريب (١)

ما هو مستقبل الأرض؟ سؤال يُطرح دائماً، والإجابة عليه فيها الكثير من الاحتمالات، فهل ثمة مستقبل للأرض؟ هل هو: نهاية البشرية على سطح الأرض، أم موت الأرض بدمارها بالكامل؟ أم نهاية (موت) المنظومة الشمسية ومحتواها من الشمس وكواكبها وأجرامها السماوية الأخرى بما فيها الأرض، أم أن الأمر مرتبط بنهاية وموت الكون ومحتواه، ليعود كما كان قبل انفجاره الكبير قبل 13.78 مليار سنة؟ الله، سبحانه وتعالى، خالق كل شيء، وهو جل جلاله قادر على كل شيء، قادر على أن يميت الأرض ويحيها، بل هو سبحانه القادر على أن يميت الكون ويحيه، كما قال الله جلت قدرته في الآيات الكريمات التالية:«اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌا» الزمر 62 «اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» الروم 11«إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» القمر 49.

 

سبحان الله تعالى على قدرته، فهو القادر على كل شيء، وهو جل جلاله خالق السماوات والأرض والكون المرئي والحقيقي وكل شيء فيهم، وفي الوقت نفسه قادر على أن يحيي الشيء ويميته ويحيه مرة أخرى وهكذا:«لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» الحديد 2.

 

بينت دراسات علمية سابقة لعدد من علماء الفيزياء الجيولوجية أن الأرض تعرضت لحوادث تدميرية بنسبة كبيرة منها وظلت هكذا لعدة ملايين من السنين، وكان ذلك قبل أكثر من 250 مليون سنة، وأن السبب في ذلك يعود إلى ارتفاع بدرجة حرارة الأرض والمحيطات بشكل مفاجئ مما أدى إلى حدوث انقراض لعدد كبير جداً من الكائنات البحرية والبرية (أي فقدت نحو 70% من جملة الحيوانات الفقارية و96% من الأنواع البحرية).

 

إن حادث الانقراض هذا عرف في حينه ب «الموت الكبير» والذي يعد أكبر كارثة وقعت في تاريخ الأرض، إذ إنه في تلك الحقبة التي شهدت الأرض خلالها نشاطاً بركانياً طويل المدى في سيبيريا، أدى إلى تدفق الكثير من المواد إلى الغلاف الجوي، مما أدى إلى حجب أشعة الشمس وارتفاع درجة حرارة الأرض وسقوط الأمطار الحمضية. في حينه، جمع العلماء آلاف العينات لبقايا كائنات منقرضة بشكل مفاجئ ولا سيما الكائنات البحرية، حيث ارتفعت درجة حرارة المحيطات إلى أكثر من 40 درجة مئوية. وكما هو معروف، فإن هذه الدرجة من الحرارة كفيلة بقتل معظم الكائنات البحرية وإيقاف عملية التركيب الضوئي. أما في الغابات فقد وصلت الحرارة لأكثر من 60 درجة، حيث لا يمكن للحياة أن تستمر مع مثل هذه الحرارة العالية. في الماضي كان في الأرض مناطق تصنف على أنها ميتة، وبعد ملايين السنين عادت لها الحياة، وهناك مناطق ميتة عادت لها الحياة بعد عشرات الآلاف من السنين.

 

وقال الله سبحانه وتعالى في سورة الحديد (الآية 17) عن موت الأرض ثم إحيائها بشكل يتطابق مع الحقائق العلمية،«اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ». هذه الآية الكريمة تؤكد أن الأرض تموت ثم تحيا بقدرة الله عز وجل.

 

وقد اعتبر القرآن الكريم إحياء الأرض معجزة تتكرر أمامنا باستمرار، ففي كل عام نرى مناطق جافة اختفت فيها كل أشكال الحياة أو من معظمها، ولكن الله تعالى ينزل المطر عليها فيحيي هذه المناطق من الأرض، قال الله تعالى:«وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ» يس 33، وأن الله عز وجل جعل ظاهرة إحياء الأرض الميتة تتكرر أمامنا لندرك أن الله سبحانه عز وجل قادر على إحياء الموتى، فالذي يحيي الأرض بعد موتها قادر على إحياء الموتى.

 

ولذلك قال الله تعالى:«فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» الروم: 50، «تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الملك» 1، أي أن نهاية الأرض أو موتها وانعدام أشكال الحياة فيها حقيقة لا نستطيع إنكارها أو تجاهلها، لأن الله تعالى بقدرته جل جلاله يُعيد الحياة إليها بعد الموت، وبالفعل حسب الدراسات المناخية السابقة تم اكتشاف أنه وخلال فترات قبل آلاف السنين كانت هناك مناطق ميتة من الأرض وبعد ذلك دبّت فيها الحياة بسبب التغيرات المناخية التي حصلت على الأرض.

 

قال الله تعالى:«يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ» الروم 19

 

* مدير جامعة الشارقة رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

آخر الأخبار