بسم الله الرحمن الرحيم
الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك
ماض في استعادة أمجادنا في علوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك
25 عاما مضت على جمع الزميلات والزملاء من العلماء والباحثين وأعضاء من الهيئات التدريسية والمتخصصين والهواة العرب والمسلمين في ميادين علوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك، إلى خلية علمية وثقافية ومعرفية كبرى، تمثلت بمقر الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك والذي تفضلت علينا حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بمقره منذ عام 1998 والذي يكاد أن يكون دائما بمشيئة الله تعالى.
واليوم ونحن نحتفل بمرور 25 عاما، أو بما يسمونه باليوبيل الفضي على تأسيس هذا الاتحاد المبارك، نشعر ليس فقط بالفخر والاعتزاز بل بشرف أداء هذا الواجب القومي والعلمي والشرعي بأننا عملنا كأعضاء للمجلس الأعلى لهذا الاتحاد بجد وإخلاص وحرص على استحضار الأمانة والاخلاص في ميادين علوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك ، التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا وآبائهم وأجدادهم من علماء الفضاء والفلك والجو العرب والمسلمين ممن رفعوا رايات هذه العلوم على المستويات العالمية ، بل وغرسوها في أعلى القمم العالمية لتخفق عاليا بعلومها على علماء البشرية جمعاء ، وتغذيهم بهذه العلوم التي نشأت وتعاظمت في صدورنا جميعا من ثنايا ديننا الحنيف وكتابنا المبين: “القرآن الكريم – كتاب المعجزات المتجددة” والذي أولى الفضاء والفلك والسماوات والكون ومحتواه الكثير من آياته البينات التي تضم مقومات ومكونات الحياة الدنيا على سطح كوكب الأرض (جنة الدنيا) التي خلقها الله سبحانه وتعالى لتكون سكنا وموطنا للبشرية والكائنات الحية.
فالاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، هو هيئة علمية ثقافية عربية متخصصة في الفضاء والفلك والجو وكل ما يتعلق بهذه التخصصات من علوم أساسية وتطبيقية، هو اليوم عضو بمجلس الوحدة الاقتصادية العربية بجامعة الدول العربية وعضو في الاتحاد الفلكي الدولي، تأسس منذ العام 1998. ومنذ تاريخ تأسيسه وحتى يومنا هذا، تتعاظم من خلاله ليس فقط إنجازاته من تحريض على إنشاء المراكز العربية الراعية لعلوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك وإنجازاتها في هذه الميادين كونها كعلوم ــ وكما سبق وأسلفت ــ تتصل بتاريخنا العربي العلمي والمعرفي بجوهر ديني، بل تتعاظم مسؤولياته من جوانبها العلمية والفنية أمام التقدم الكبير جدا الذي يحدث في عالمنا العربي على نحو خاص، كالتشجيع والمساعدة في إنشاء الجمعيات والمجموعات والأندية الفلكية والفضائية في الدول التي ليس بها جمعيات أو أندية فلكية ، واستغلال المراصد والأجهزة الفلكية المتوافرة داخل الوطن العربي وخارجه استغلالا علميا مميزا وإجراء البحوث فيها ، ودعوة وزارات التعليم العالي إلى تخصيص منح دراسية في علوم الفضاء والفلك )داخل الوطن العربي وخارجه( والمساعدة في بناء المراصد الفلكية لأهداف بحثية وتربوية وعلمية متقدمة ، بالإضافة إلى دعوة الحكومات العربية إلى تدريب الشباب المتميز لإرسال رواد فضاء عرب، وإجراء التجارب الفضائية العربية مع تأسيس مختبرات لهم، وغير ذلك الكثير من الأمور مما لا يتسع المقام لذكره.
وعلى الرغم من كل ذلك فإن مسؤوليات الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك تعاظمت ولا تزال تتعاظم أمام ما يحققه العالم المتقدم من إنجازاتٍ واكتشافات متلاحقة ومتسارعة في علوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك في أيامنا هذه، ومن حسن الحظ أن العديد من هذه النشاطات الفلكية والفضائية بدأت تظهر على الساحة العربية وبشكل واضح ومشرف خلال العشر سنوات الماضية، كإنشاء مؤسسات فضائية ومراصد فلكية بشكل واضح ومبشر، مثل ما أنجزته وتنجزه دولة الإمارات العربية المتحدة التي أنشأت وكالة الإمارات للفضاء في أبو ظبي ومركز محمد بن زايد للفضاء في دبي وأكاديمية الشارقة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك في جامعة الشارقة، كما أن هذه الدولة الفتية والعزيزة أولت اهتماما عالميا كبيرا بهذه المجالات بحيث أصبحت علوم وتكنولوجيا الفضاء من الأولويات الوطنية الأولى لديها ورصدت لها الملايين العديدة من الدولارات، ولاسيما مشاريعها الفضاء العالمية مثل:
مشروعها لاستكشاف المريخ من خلال إطلاق مسبار الأمل في عام 2021، وإرسال رواد فضاء إماراتيين إلى المحطة الدولية للفضاء وتصميم وتصنيع وإطلاق مختلف الأقمار الصناعية، وكذلك جمهورية مصر العربية التي أنشأت وكالة الفضاء المصرية ومرصدها الفلكي المشهور في القطامية والذي يعد أكبر تلسكوب في الوطن العربي في الوقت الحاضر ،والجزائر التي أنشأت وكالة الفضاء الجزائرية، واطلقت منها عدة أقمار اصطناعية، والمملكة الأردنية الهاشمية، التي يقوم بها مقر المركز الإقليمي لتدريس تكنولوجيا الفضاء لغرب آسيا والتابع للأمم المتحدة، وكذلك المكتب الإقليمي لتنمية علوم الفلك في المنطقة العربية التابع للاتحاد الفلكي الدولي، فضلا عن معهد الفلك وعلوم الفضاء بجامعة آل البيت، والمملكة العربية السعودية المهيئة لدراسة الفضاء والكون من خلال برامج رواد الفضاء، ثم الكويت التي أطلقت قمرها الصناعي المكعب الأول. مع الإشارة وبفخر إلى جهود علماء الفلك والفضاء لإحياء أمجاد تراثنا الفلكي العربي والإسلامي على المستويين العربي والعالمي، وهناك دولا عربية عديدة بدأت تفكر وتخطط بل وتباشر بجدية في بناء المراصد والمراكز الفلكية وإنشاء الأقسام والبرامج الفلكية والفضائية في الجامعات، وتأسيس المجموعات والجمعيات والأندية الفلكية. وكل هذا وذاك يبشرنا ويبشركم جميعا بأننا سنستعيد مكانة علمائنا العرب والمسلمين التاريخية والعالمية مثلما كانت وأكثر بمشيئة الله تعالى.
وبهذه المناسبة مناسبة اليوبيل الفضي لاتحادنا العزيز لا يسعني إلا أن أقول شكرا جزيلا ومن القلب لجميع زميلاتي وزملائي الذين عملوا وما زالوا يعملون معنا في نشر الثقافة الفلكية والفضائية في الوطن العربي وتدريب وتأهيل الشباب في الوطن العربي بهذه التخصصات الهامة ، فضلا عما يتم تنفيذه وبصورة مشرفة من الأبحاث العلمية الرصينة في ميادين الفضاء والفلك والتكنولوجيا المرتبطة بهما، متمنيا للجميع ولاتحادنا العربي لعلوم الفضاء والفلك دوام النجاح والتقدم في تعزيز هذه العلوم لنستعيد وبجدارة المكانة التاريخية والعالمية التي كنا عليها في ماضي الزمان عربا ومسلمين ونناغم التقدم العلمي المتسارع في هذه المجالات الحيوية والمفيدة للإنسانية جمعاء .
والله تعالى ولي الأمر والتوفيق…
أخوكم
أ.د. حميد مجول النعيمي
رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك
مدير جامعة الشارقة
المدير العام لأكاديمية الشارقة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك.